تريند 🔥

🌙 رمضان 2024

علماء يجدون دليلاً على نشاط الطاقة الحرارية الأرضية داخل الكواكب القزمة الجليدية!

مريم مونس
مريم مونس

5 د

اكتشف فريق دلائل على وجود نشاط حراري مائي أو تحولي في أعماق الكواكب القزمية الجليدية إيريس وماكيماكي، الواقعتين في حزام كايبر.

استخدم العلماء بيانات من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لنمذجة العمليات الجيوحرارية التي قد تفسر كيفية وصول الميثان إلى سطوح إيريس وماكيماكي، مما يشير إلى احتمال وجود ماء سائل داخل هذه الأجسام الجليدية البعيدة عن حرارة الشمس.

تعد هذه الاكتشافات جزءًا من تحول في علم الكواكب، حيث بات يُعترف أن العوالم الجليدية والباردة قد تكون دافئة في قلبها، وهو ما يُعزز الاعتقاد بأن حزام كايبر قد يضم عوالم ديناميكية قادرة على دعم الحياة.

اكتشف فريق بحثي بقيادة معهد الأبحاث الجنوبي الغربي دلائل تشير إلى وجود نشاط حراري مائي أو متحول في أعماق كوكبي القزم الجليديين إيريس وماكيماكي، وهما يقعان ضمن حزام كويبر، وهي منطقة تتشكل على هيئة قرص ممتد من الأجسام الجليدية التي تتواجد خارج مدار كوكب نبتون، عند أطراف المجموعة الشمسية. يمكن مقارنة حجم كل من إيريس وماكيماكي بحجم كوكب بلوتو وقمره شارون. وقد أوضح الدكتور كريستوفر جلين، الخبير في مجال كيمياء جيوكيمياء الكواكب بمعهد أبحاث الجنوب الغربي والمؤلف الرئيسي للورقة البحثية التي تناولت هذا الاكتشاف، أن الفريق رصد علامات تدل على وجود أوقات دافئة في بيئات تُعتبر باردة عادةً.

كانت الفكرة الأولية للدكتور جلين تقوم على افتراض أن الأجسام الكبيرة الموجودة في حزام كويبر يجب أن تمتلك أسطحًا قديمة مغطاة بمواد تم توريثها من السديم الشمسي الأولي، مما يسمح لها بالحفاظ على المواد المتطايرة مثل الميثان على سطوحها الباردة. ومع ذلك، قدم تلسكوب جيمس ويب الفضائي مفاجأة للفريق البحثي حيث كشف عن دلائل تشير إلى وجود عمليات حرارية داخلية تنتج غاز الميثان من أعماق إيريس وماكيماكي.

تمثل منطقة حزام كويبر بمثابة قرص ضخم يضم مجموعة من الأجسام الجليدية المتمركزة خارج مدار نبتون، على أطراف نظامنا الشمسي. ومن المحتمل أن تكون هذه الأجسام قد تشكلت في بدايات تاريخ المجموعة الشمسية، قبل نحو 4.5 مليار سنة. وعلى الرغم من بُعدها عن حرارة الشمس، فقد كان يُنظر إلى أجسام حزام كويبر على أنها أجسام باردة وخاملة.

تُظهر الدراسة الجديدة، التي استندت إلى ملاحظات تلسكوب جيمس ويب الفضائي، الأدلة الأولية على وجود نظائر جزيئية على سطحي إيريس وماكيماكي. تُعد هذه النظائر، والتي تحتوي على ذرات ذات عدد مختلف من النيوترونات، أدوات قيمة لفهم تطور الكواكب.

أجرى فريق تلسكوب جيمس ويب الفضائي قياسات لتكوين سطوح هذه الكواكب القزمة، مركزين بشكل خاص على نسبة الديوتيريوم (الهيدروجين الثقيل، D) إلى الهيدروجين (H) في الميثان. يُعتقد أن الديوتيريوم قد تكون نتيجة الانفجار العظيم، ويعد الهيدروجين العنصر الأكثر وفرة في الكون. تقدم نسبة D/H لجسم كوكبي بيانات حول أصله وتاريخه الجيولوجي، بالإضافة إلى طرق تكوين المركبات التي تحتوي على الهيدروجين.

استعان العلماء في SwRI ببيانات من تلسكوب جيمس ويب الفضائي لبناء نموذج يحاكي العمليات الحرارية الأرضية تحت السطح، التي قد تفسر طريقة وصول الميثان إلى سطحي إيريس وماكيماكي. وتشير النتائج إلى إمكانية وجود الماء السائل داخل هذه الأجسام الجليدية، البعيدة عن حرارة الشمس. وقد أشار الدكتور جلين إلى أن النسبة المعتدلة لـ D/H التي تم رصدها باستخدام تلسكوب جيمس ويب تنفي فرضية وجود الميثان البدائي على سطح قديم، موضحًا أن الميثان البدائي كان سيظهر نسبة D/H أعلى بكثير.

بدلاً من ذلك، تدل نسبة D/H على أن الميثان قد تم إنتاجه جيوكيميائيًا في باطن الأرض العميق. تعتبر هذه النسبة بمثابة نافذة تمكننا من الاطلاع على ما يحدث تحت السطح. وتشير البيانات المتوفرة إلى أن درجات الحرارة في النوى الصخرية لهذه الكواكب مرتفعة بما يكفي لإنتاج الميثان. كما يمكن أن يتم إنتاج النيتروجين الجزيئي (N2)، وهو ما تم ملاحظته على إيريس. وقد يدل وجود النوى الساخنة أيضًا على إمكانية وجود مصادر للماء السائل تحت السطوح الجليدية لهذه الكواكب.

على مدار العقدين المنصرمين، اكتشف العلماء بأن الكواكب الجليدية قد تتمتع بتطور داخلي يفوق ما كان متصورًا سابقًا بكثير. لقد توصلوا إلى العثور على دلائل تشير إلى وجود محيطات تقبع تحت سطح العديد من الأقمار الجليدية، كقمر زحل إنسيلادوس (Enceladus) وقمر المشتري أوروبا (Europa). يُعد وجود الماء السائل عاملاً أساسيًا في تحديد ما إذا كانت الكواكب تصلح للسكنى.

إن الاحتمال المتمثل في وجود محيطات مائية داخل كل من إيريس (Eris) وماكيماكي (Makemake) يُعتبر موضوعًا سيُعنى العلماء بدراسته في الأعوام القادمة. وإذا ما ثبت صلاحيتهما للسكن، فإنهما سيصبحان أبعد العوالم في نظامنا الشمسي التي يمكنها دعم الحياة. إن الكشف عن المؤشرات الكيميائية للعمليات التي تحدث داخليًا يُمثل خطوة نحو هذا الاتجاه.

أعرب الدكتور ويل جراندي، وهو عالم فلك في مرصد لويل وأحد المشاركين في تأليف البحث، عن هذا الأمر قائلاً: "إذا كان كل من إيريس وماكيماكي يستضيفان، أو كان بالإمكان لهما أن يستضيفا في الماضي، كيمياء جيولوجية تتسم بالدفء أو حتى الحرارة في باطنهما الصخري، فإنه يمكن للبراكين الجليدية أن تسهم في نقل غاز الميثان إلى سطوح هذه الكواكب، وربما يكون ذلك قد حدث في عصور جيولوجية قريبة."

وأضاف قائلاً: "لقد اكتشفنا أن نسبة نظائر الكربون (13C/12C) تشير إلى حدوث إعادة ظهور سطحي في الآونة الأخيرة."

ذو صلة

يشكل هذا الاكتشاف جزءًا من تحول جذري في مجال علم الكواكب، حيث بات من المقبول على نطاق واسع أن العوالم الباردة والجليدية قد تكون دافئة في باطنها. إن النماذج التي طُورت لهذه الدراسة تشير أيضًا إلى وجود احتمالية لتكوين غازات تشبه تلك الموجودة على قمر زحل تيتان (Titan)، الذي يتميز بوفرة غاز الميثان. علاوة على ذلك، يُعزز الكشف عن النشاط غير المتوقع على كل من إيريس وماكيماكي الفكرة القائلة بأن العمليات الداخلية تلعب دورًا مهمًا في تشكيل ما نراه على أجسام حزام كايبر الكبيرة، ويتماشى ذلك مع الاكتشافات التي حُققت على بلوتو.

صرح جلين، وهو أيضًا من المشاركين في البحث، بالقول: "بعد أن حلّقت مركبة نيوهورايزنز (New Horizons) بالقرب من نظام بلوتو، ومع هذا الاكتشاف الجديد، بات حزام كويبر يبدو أكثر حيوية وديناميكية في استضافة العوالم مما كان متصورًا في السابق." وأردف قائلاً: "لقد حان الوقت لبدء التفكير في إرسال مركبة فضائية للتحليق بالقرب من واحدة من هذه الأجسام لنضع البيانات التي يجمعها تلسكوب جيمس ويب الفضائي في سياق جيولوجي. وأعتقد أننا سنُذهل بالعجائب التي سنكتشفها."

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة